بسم الله الرحمن الرحيم
-الأيدولوجية الملكية فى عصر الدولة الوسطى-
حاول ملوك الدولة الوسطى أن يعيدوا غطاء القدسية للملكية المصرية التى إضمحلت أو كادت خلال عصر الإنتقال الأول ، فقد ظهرت فى تلك الفترة نصوص أدبية دعائية تهدف الى إبراز صورة الملكية وأهمية و جودها أمام العامة و لذلك ظهروا فى صفة المنقذين لمصر من حالات الشقاء و الخطر التى أصابت البلاد فى عصر الإنتقال الأول و لذا قاموا بتصوير ذلك العصر السابق فى اطار الفوضى و الظلام و الأزمات بشكل مفرط ،و ذلك حتى يبرزوا أنفسهم كمخلصين لمصر من ذلك الشقاء و لايستطيع المرء أن يعي مفهوم الملكية فى تلك الفترة فى عالم يخلو من الأزمات و لقد كانت تلك هى أحد دعائم تأسيس الشرعية للحاكم فى ذلك العصر . كما ألقت نصوص تلك الفترة مزيدا من الضو ء حول علاقة الملك بالإله الخالق حيث أصبح الإله ينتقى الملك و يختاره من بين الآلاف و هو لايزال فى بطن أمه كإبن له مثلما ورد فى تعاليم الملك خيتى الثالث لإبنه مرى كارع ان الإله الأعلى خلق الحاكم بصفته إبنا له منذ أن كان فى البيضة من اجل شعب مصر . و طبقا لتلك الأيدولوجية أصبح وجود السلطة الملكية المركزية أمرا ضروريا لإنقاذ الضعيف من بطش القوى و لإقرار العدالة بدلا من الظلم و لنشر النظام حتى لايكون للفوضى مكان ، فالملك يضع ماعت محل إسفت - على حد تعبير نصوص تلك الفترة - ( و الماعت هى النظام و النور و العدالة أما إسفت هى الفوضى و الظلام و الظلم ) . و من جانب آخر نشأت أساطير الدولة الوسطى التى وضعت الملكية فى إطار دينى و سياسى قوى حيث أشارت الى معاقبة اله الشمس ( رع ) للبشر بعدما تمردوا عليه حتى كاد أن يفنيهم ، إلا أنه مالبث أن وجد حلا آخرا ، فقام بتقويس السماء عاليا فوق الأرض و تحتها و انتقل مع بقية الآلهة لكى يقطن هناك . ثم وضع ابنه ( الإله شو ) ، و هو إله الهواء ، كخليفة له فى الأرض . و وقع على عاتق ذلك المعبود مهمة رفع السماء فوق الأرض و من هنا فهو يجسد دور السلطة الملكية بتفوق من خلال الحفاظ على العلاقة بين الآلهة فى السماء و الإنسان فى الأرض ، فهو بحق الوسيط الفعلى بين السماء و الأرض . و تأكيدا لوظيفة ذلك المعبود يتحدث الخطاب الدينى لتلك الفترة عن قدرة ( شو ) فى نقل كلام إله الشمس ( رع ) إلى جمهوره من المخلوقات الأمر الذى يعنى أن الملك الحاكم أصبح ممثل و وسيط لإله الشمس بإعتباره ابن رع الأكبر . فالسلطة الملكية فى عصر الدولة الوسطى تفترض أن يكون الإله بعيدا جدا عن دنيا البشر حتى تجد من يعوض وجوده فى الأرض ، و بعبارة أدق : فلو كان الآلهة حاضرين دوما لما كان هناك ضرورة لوجود السلطة الملكية . و بما أن الآلهة بعيدون ، فلابد من وجود مؤسسة سياسية و دينية تحافظ على علاقة الإنسان مع عالم الآلهة ، فالأسطورة تضع ضرورة و جود السلطة الملكية فى ضو ء قصة دينية تظهر فيها الظروف الحاضرة على أنها شفاء من جرح أو تعويضا لخسارة ، أى خسارة فقدان الآلهة الذين كانوا يعيشون يوما ما مع الإنسان و بشكل مباشر . و حقيقة الأمر أن وجود السلطة الملكية و إقامة المعابد و عمل الطقوس و وضع تماثيل الملوك و الأفراد فى دور العبادة لم يكن سوى و سائط مختلفة بين عالم الآلهة و عالم البشر فكما تروى لنا الأسطورة أن نموذج الحكم الأصلى هو سلطة الخالق المباشرة على خلقه و بعد عصيان المخلوقات تحولت السلطة الدينية الأسطورية المباشرة إلى شكل السلطة التمثيلية أو الوكيلة فى التاريخ .
-الأيدولوجية الملكية فى عصر الدولة الوسطى-
حاول ملوك الدولة الوسطى أن يعيدوا غطاء القدسية للملكية المصرية التى إضمحلت أو كادت خلال عصر الإنتقال الأول ، فقد ظهرت فى تلك الفترة نصوص أدبية دعائية تهدف الى إبراز صورة الملكية وأهمية و جودها أمام العامة و لذلك ظهروا فى صفة المنقذين لمصر من حالات الشقاء و الخطر التى أصابت البلاد فى عصر الإنتقال الأول و لذا قاموا بتصوير ذلك العصر السابق فى اطار الفوضى و الظلام و الأزمات بشكل مفرط ،و ذلك حتى يبرزوا أنفسهم كمخلصين لمصر من ذلك الشقاء و لايستطيع المرء أن يعي مفهوم الملكية فى تلك الفترة فى عالم يخلو من الأزمات و لقد كانت تلك هى أحد دعائم تأسيس الشرعية للحاكم فى ذلك العصر . كما ألقت نصوص تلك الفترة مزيدا من الضو ء حول علاقة الملك بالإله الخالق حيث أصبح الإله ينتقى الملك و يختاره من بين الآلاف و هو لايزال فى بطن أمه كإبن له مثلما ورد فى تعاليم الملك خيتى الثالث لإبنه مرى كارع ان الإله الأعلى خلق الحاكم بصفته إبنا له منذ أن كان فى البيضة من اجل شعب مصر . و طبقا لتلك الأيدولوجية أصبح وجود السلطة الملكية المركزية أمرا ضروريا لإنقاذ الضعيف من بطش القوى و لإقرار العدالة بدلا من الظلم و لنشر النظام حتى لايكون للفوضى مكان ، فالملك يضع ماعت محل إسفت - على حد تعبير نصوص تلك الفترة - ( و الماعت هى النظام و النور و العدالة أما إسفت هى الفوضى و الظلام و الظلم ) . و من جانب آخر نشأت أساطير الدولة الوسطى التى وضعت الملكية فى إطار دينى و سياسى قوى حيث أشارت الى معاقبة اله الشمس ( رع ) للبشر بعدما تمردوا عليه حتى كاد أن يفنيهم ، إلا أنه مالبث أن وجد حلا آخرا ، فقام بتقويس السماء عاليا فوق الأرض و تحتها و انتقل مع بقية الآلهة لكى يقطن هناك . ثم وضع ابنه ( الإله شو ) ، و هو إله الهواء ، كخليفة له فى الأرض . و وقع على عاتق ذلك المعبود مهمة رفع السماء فوق الأرض و من هنا فهو يجسد دور السلطة الملكية بتفوق من خلال الحفاظ على العلاقة بين الآلهة فى السماء و الإنسان فى الأرض ، فهو بحق الوسيط الفعلى بين السماء و الأرض . و تأكيدا لوظيفة ذلك المعبود يتحدث الخطاب الدينى لتلك الفترة عن قدرة ( شو ) فى نقل كلام إله الشمس ( رع ) إلى جمهوره من المخلوقات الأمر الذى يعنى أن الملك الحاكم أصبح ممثل و وسيط لإله الشمس بإعتباره ابن رع الأكبر . فالسلطة الملكية فى عصر الدولة الوسطى تفترض أن يكون الإله بعيدا جدا عن دنيا البشر حتى تجد من يعوض وجوده فى الأرض ، و بعبارة أدق : فلو كان الآلهة حاضرين دوما لما كان هناك ضرورة لوجود السلطة الملكية . و بما أن الآلهة بعيدون ، فلابد من وجود مؤسسة سياسية و دينية تحافظ على علاقة الإنسان مع عالم الآلهة ، فالأسطورة تضع ضرورة و جود السلطة الملكية فى ضو ء قصة دينية تظهر فيها الظروف الحاضرة على أنها شفاء من جرح أو تعويضا لخسارة ، أى خسارة فقدان الآلهة الذين كانوا يعيشون يوما ما مع الإنسان و بشكل مباشر . و حقيقة الأمر أن وجود السلطة الملكية و إقامة المعابد و عمل الطقوس و وضع تماثيل الملوك و الأفراد فى دور العبادة لم يكن سوى و سائط مختلفة بين عالم الآلهة و عالم البشر فكما تروى لنا الأسطورة أن نموذج الحكم الأصلى هو سلطة الخالق المباشرة على خلقه و بعد عصيان المخلوقات تحولت السلطة الدينية الأسطورية المباشرة إلى شكل السلطة التمثيلية أو الوكيلة فى التاريخ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق